أمين علماء المسلمين: الإسلام حرم الإضرار بالبيئة

أكد الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، أن الإسلام حرم تحريما قاطعا الإضرار بالبيئة، مشيراً إلى أن رب العزة سبحانه وتعالى وصف هذا الإضرار بالفساد في الأرض مصداقا لقوله تعالى: «وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد».
وأوضح القره داغي ردا على سؤال لـ«العرب» خلال المحاضرة التي ألقاها فضيلته تحت عنوان «التوازن البيئي في القرآن الكريم ودور النباتات والبيئة فيه»، أن رب العزة سبحانه وتعالى وضع أكبر العقوبات للإفساد في الأرض بحد الحرابة، مصداقا لقوله تعالى: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرضِ فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض».
وأشار الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين خلال المحاضرة التي أدارها الدكتور محمد سالم الناشط البيئي، وحضرها الدكتور سيف الحجري رئيس مجلس إدارة مركز أصدقاء البيئة، إلى أن الحكم واضح في مسألة الإفساد والإضرار بالبيئة، لكنه قال إن هذا الأمر لا يعالج بالعقوبة وإنما بالعقيدة والسلوك، لافتا إلى أن الإسلام هو دين حضارة وسلوك.
وبشأن تعرض السنة النبوية الشريفة وسيرة صحابة الرسول الكريم لمسألة الإضرار بالبيئة، قال القره داغي إن السنة المشرفة تعرضت لهذا الأمر من خلال تفصيلها لما ورد في القرآن الكريم حول مسألة الإفساد وتحريم الرسول (صلى الله عليه وسلم) للإسراف في استخدام الموارد الطبيعية مثل المياه، حتى ولو كانت للوضوء، وكذا سيرة صحابته ومحبتهم لغرس الأشجار، مؤكداً أن الاعتناء بالبيئة وتوازنها هي ثقافة إسلامية ورثت عن السنة النبوية والسلف الصالح.
وقال القره داغي خلال محاضرته التي عقدت بمركز أصدقاء البيئة على هامش مؤتمر تغيير المناخ المنعقد حاليا بالدوحة، إن القرآن الكريم أولى عناية قصوى بعالم النبات والأشجار، حتى نستطيع القول إن هذا العالم أخذ مساحة واسعة من آيات القرآن الكريم قد تصل إلى حدود الثلث، لافتا إلى أن القرآن الكريم ذكر النبات ومشتقاته 26 مرة والأشجار مع مفرداتها 27 مرة والجنان ومشتقاتها 147 مرة، كما تعرض لتفاصيل خلق النباتات بشكل يوضح الإعجاز العلمي في القرآن. وأضاف الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين أن آيات القرآن الكريم بينت أن الله تعالى خلق كل مكونات البيئة بدقة متناهية وبمقادير معلومة لتحقيق التوازن. وتابع أنه حتى الحياة والموت إن هما إلا مكونات التوازن بل لتحقيق التوازن المنشود.
وأشار إلى أن العلم الحديث أثبت ما ذكره القرآن الكريم من أن هناك ميزانا لنسب النباتات على الأرض ونسبة ما تمتصه من غاز الكربون وما تطلقه من الأكسجين.
وأوضح أن الله تعالى سلم الإنسان الأرض وهي في قمة صلاحها وجمالها وقدرتها على العطاء، فكان المفروض أن يحافظ الإنسان عليها، مصداقا لقوله تعالى: «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها»، كما نوه بأن الله تعالى ربط بين حياة الإنسان وبقية الكائنات الحية بما فيها النباتات، حيث إن الإنسان يأخذ غاز الأكسجين بينما النباتات تأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعبر عن التوازن الدقيق بين العالمين، عالم الإنسان وعالم النباتات.
وأكد القره داغي أن جميع الكائنات الحية بمختلف أنواعها وأشكالها وأحجامها لها دور مهم في البيئة، حيث تتفاعل مع بعضها بعضا، ورأى أن تنوع النباتات يؤدي إلى استمرارية النفع والعطاء والتكامل، وحماية الزرع من الآفات، وزيادة خصوبة التربة، والحماية من الرياح والعواصف، بالإضافة إلى حماية الكائنات الحية وتكاثرها.
وأرجع الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أسباب اختلال التوازن البيئي إلى تصرفات الإنسان وأنشطته التي تتجاوز حد الاعتدال سواء في مجال التصنيع أو في غيره من المجالات، وإدخال عنصر جديد في بيئة متوازنة وإخراج كائن حي من بيئة متوازنة وتغيير العوامل الطبيعية.
ورأى أن العلاج يكمن في منع الإنسان من التصرفات الضارة بالبيئة في جميع المجالات، من خلال إصلاح الإنسان من نفسه وروحه وعقله وقلبه عبر غرس العقيدة الصحيحة والإيمان والتقوى وإصلاح السلوكيات والتوعية الدينية ببيان الحكم الشرعي من حرمة الإضرار والإفساد، كما دعا إلى إصدار تشريعات وقوانين أممية تمنع التصرفات الضارة بالبيئة، وتحويل التوعية بالبيئة إلى ثقافة أصيلة وجزء من طبيعة الإنسان.