السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أرجو أن يستفيد منه الإخوة والأخوات العازمين على أداء فريضة الحج ..
كمـا أرجو أن لا ينسونا من دعائهم هنا وفي المشـاعر ..
نسأل الله لنا ولهم التوفيق والقبول والسلامة
أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
الثاني: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تُحصل العلم.
الثالث: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
الرابع: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائه فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به... وكل هذا داخل في قوله تعالى: }وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا{ [الفرقان: 30].
وكذلك الحرج الذي في الصدور منه، فإنه تارة يكون حرجًا من إنزاله وكونه حقًّا من عند الله، وتارة يكون من جهة المتكلم به أو كونه مخلوقًا من بعض مخلوقاته.
اللهم غيره إن تكلم به، وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها وأنه لا يكفي العباد، بل هم محتاجون معه إلى المعقولات أو الآراء أو السياسات، وتارة يكون من جهة دلالته وما أريد به حقائقه المفهومة منه عن الخطاب، وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق وإن كانت مرارة، فهي ثابتة في نفس الأمر أو أوهم أنها مرادة لضرب من المصلحة... فكل هؤلاء في صدورهم حرج من القرآن، وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ويجدونه في صدروهم.. ولا تجد مبتدعًا قط إلا وفي قلبه خرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته، فتدبر هذا المعنى ثم ارض لنفسك بما تشاء ().
بسم الله الرحمن الرحيم
رَوَى أحْمَدُ وَأَبُو دَاودَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:
رَحِمَ اللهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ الليلِ فَصَلَّى ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ
فَصَلَّتْ
فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهاِ الْمَاءَ،
رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ الليلِ فَصَلْتَ
وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى
فَإِنْ أَبى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ الْمَاءَ".
وَالنَّضْحُ هُوَ الرَّشُّ.
أجمل مقطع مؤثر للشيخ محمد حسان عن فضل قيام الليل
فإنهاتوجب التصورات والتصورات تدعو إلى الإيرادات والإيرادات تقتضي وقوع الفعل وكثرة تكراره تعطي العدة فصلح هذه المراتب بصلاح الخواطر والأفكار وفسادها فصلاح الخواطر بأن تكون مراقبة لوليها وألهها صاعدة إليه دائرة على مرضاته ومحابه فإنه سبحانه به كل صلاح ومن عنده كل هدى ومن توفيقه كل رشد ومن توليه لعبده كل حفظ ومن توليه وإعراضه عنه كل ضلال وشقاء فيضفر العبد بكل خير وهدى ورشد بقدر إثبات عين فكرته في آلائه ونعمه وتوحيده وطرق معرفته وطرق عبوديته وإنزاله إياه حاضرا معه مشاهدا له ناظرا إليه رقيبا عليه مطلعا على خواطره وإرادته وهمه فحينئذ يستحي منه ويجله أن يطلعه منه على عورة يكره أن يطلع عليها مخلوق مثله أو يرى نفسه خاطرا يمقته عليه
فمتى أنزل ربه هذه المنزلة منه رفعه وقربه منه وأكرمه واجتباه وولاه وبقدر ذلك يبعد عن الأوساخ والدناآت والخواطر الرديئة والأفكار الدنيئة كما أنه بعد منه واعرض عنه وقرب من الأوساخ والدناآت والأقذار ويقطع عن جميع الكمالات ويتصل بجميع النقائص فالإنسان خير المخلوقات إذا تقرب من بارئه والتزم أوامره ونواهيه وعمل بمرضاته وآثره على هواهوشر المخلوقات إذا تباعد عنه ولم يتحرك قلبه لقربه وطاعته وابتغاء مرضاته فمتى اختار التقرب إليه وآثره على نفسه وهواه فقد حكم قلبه عقله وإيمانه على نفسه وشيطانه وحكم رشده على غيه وهداه على هواه ومتى اختار التباعد منه فقد حكم نفسه وهواه وشيطانه على عقله وقلبه ورشده وأعلم أن الخاطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها إلى الفكر فيأخذها الفكر فيؤديها إلى التذكر فيأخذها الذكر فيؤديها إلى الإرادة فتأخذها الإرادة فتؤديها إلى الجوارح والعمل فتستحكم فتصير عادة فردها من مبادئها أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها ومعلوم أنه لم يعط الإنسان إماتة الخواطر ولا القوة على قطعها فإنها تهجم عليه هجوم النفس إلا أن قوة الإيمان والعقل تعينه على قبول أحسنها ورضاه به ومساكنته له وعلى رفع أقبحها وكراهته له نفرته منه كما قال الصحابة يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه ما لأن يحترق حتى يصير حممة أحب إليه من أن يتكلم به فقال أو قد وجدتموه قالوا نعم قال ذاك صريح الإيمان وفي لفظ الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة وفيه قولان أحدهما أن رده وكراهيته صريح الإيمان والثاني أن وجوده وإلقاء الشيطان له في النفس صريح الإيمان فإنه إنما ألقاه في النفس طلبا لمعارضة الإيمان و إزالته به وقد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحا الدائرة التي لا تسكن ولا بد لها من شيء تطحنه فإن وضع فيها حب طحنته وإن وضع فيها تراب أو حصا طحنته فلأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحب الذي يوضع في الرحا ولا تبقى تلك الرحا معطلة قط بل لا بد لها من شيء يوضع فيها فمن الناس من تطحن رحاه حبا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملا وحصا وتبنا ونحو ذلك فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه
كتاب الفوائد-الامام ابن القيم الجوزية